اليكم راى الفقهاء بهل يجوز لنا التوسل بالنبىّ صلى الله عليه وسلم لقضاء حاجاتنا أم لا !!!
بسم الله الرحمن الرحيم
التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ليس بمشروع، وإنما المشروع التوسل بأسماء
الله وصفاته، كما قال الله سبحانه وتعالى: وَلِلَّهِ
الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا[1]،
يعني يسأل الله بأسمائه، كأن يقول الإنسان: اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم،
بأنك الجواد الكريم، اغفر لي، ارحمني، اهدني سواء السبيل وغير ذلك.
لأن الدعاء عبادة وقربة عظيمة، كما قال الله تعالى:
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[2]،
وقال عز وجل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي
فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ[3].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة))،
ويقول صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يدعو الله بدعوة
ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى
ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في
الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك)) قالوا يا رسول الله: إذًا نكثر،
قال: ((الله أكثر)).
فالمسلم إذا دعا وتضرع إلى الله سبحانه وتعالى فهو على خير عظيم؛ مأجور ومثاب، وقد
تعجل دعوته وقد تؤجل لحكمة بالغة، وقد يصرف عنه من الشر ما هو أعظم من المسألة التي
سأل.
لكن لا يتوسل إلى الله إلا بما شرع، من أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته، أو بتوحيده
سبحانه، كما في الحديث: ((اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك
أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد))، أو بأعمالك الصالحة، فتقول: يا ربي
أسألك بإيماني بك وإيماني بنبيك محمد عليه الصلاة والسلام، اللهم إني أسألك بحبي لك،
أو بحبي لنبيك محمد عليه الصلاة والسلام، أو اللهم إني أسألك ببري بوالدي، أو عفتي
عما حرمت عليّ يا رب أو ما أشبه ذلك، فتسأله بأعمالك الصالحة التي يحبها وشرعها
سبحانه وتعالى.
ولهذا لما دخل ثلاثة فيمن قبلنا غاراً للمبيت فيه وفي رواية أخرى بسبب المطر؛ يقول
النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: إنها انحدرت عليهم صخرة من أعلى جبل
سدت عليهم الغار لا يستطيعون دفعها، فقالوا فيما بينهم: إنه لن ينجيكم من هذه
المصيبة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فدعوا الله سبحانه وتعالى.
فتوسل أحدهم بأنه كان باراً بوالديه، ودعا ربه أن يفرج عنهم الصخرة بسبب بره
بوالديه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء.
ثم قال الثاني: إنه كان له ابنة عم يحبها كثيراً، وإنه أرادها عن نفسها فلم تجب،
ولما ألمت بها حاجة شديدة، وجاءت إليه تطلب العون، فقال لها: إلا أن تمكنه من
نفسها، فوافقت على ذلك بسبب حاجتها على أن يعطيها مائة وعشرين ديناراً، فلما جلس
بين رجليها، قالت له: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فخاف من الله وقام وترك
الفاحشة، وترك الذهب لها، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك
فأفرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء، لكن لا يستطيعون الخروج.
ثم توسل الآخر بأداء الأمانة، وأنه كان عنده أمانة لبعض الأجراء فنماها، وثمرها حتى
اشترى منها إبلاً وبقراً وغنماً ورقيقاً، وكانت آصعاً من أرز أو من ذرة، ثم جاء
الأجير يسأله حقه، فقال له: كل هذا من حقك، كل الذي ترى من حقك من إبل وغنم وبقر
ورقيق، فقال له الأجير: اتق الله ولا تستهزئ بي، فقال: إني لا أسخر بك، هو مالك،
فأخذه كله، فقال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فانفرجت عنهم الصخرة وخرجوا. هذا بأسباب إيمانهم
بالله وتوسلهم إليه بأعمالهم الصالحة.
فالوسيلة الشرعية: هي التوسل بأسماء الله وصفاته، أو بتوحيده والإخلاص له، أو
بالأعمال الصالحات، هذه الوسيلة الشرعية التي جاءت بها النصوص.
أما التوسل بجاه فلان، أو بحق فلان، فهذا لم يأت به الشرع، ولهذا ذهب جمهور العلماء
إلى أنه غير مشروع فالواجب تركه، وأن يتوسل الإنسان بالوسائل الشرعية التي هي أسماء
الله وصفاته، أو بتوحيده، أو بالأعمال الصالحات، هذه هي الوسائل الشرعية التي جاءت
بها النصوص.
وأما ما فعله عمر رضي الله عنه، فهو لم يتوسل بجاه العباس، وإنما توسل بدعائه، قال
رضي الله عنه لما خطب الناس يوم الاستسقاء، لما أصابتهم المجاعة والجدب الشديد
والقحط صلى بالناس صلاة الاستسقاء، وخطب الناس، وقال:
(اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا
فاسقنا)، فيسقون.
وهكذا كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته يقولون: ادع لنا، فيقوم
ويدعو لهم، ويخطب الناس يوم الجمعة ويدعو، ويقول: ((اللهم
أغثنا اللهم أغثنا))، وهكذا في صلاة الاستسقاء يتوسل بدعاء النبي صلى الله
عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وسؤاله الغوث.
وهكذا قال للعباس: يا عباس قم فادع ربنا، فقام العباس ودعا ورفع يديه ودعا الناس
وأمنوا فسقاهم الله عز وجل على دعائهم فهو توسل بعم النبي صلى الله عليه وسلم؛
بدعائه، واستغاثته ربه عز وجل، وسؤاله سبحانه وتعالى بفضل العباس وقربه من رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أفضل
الصحابة، ومن خير الصحابة رضي الله عن الجميع.
فإذا توسل المسلمون بالصالحين من الحاضرين عندهم، بدعائهم، كأن يقول الإمام أو ولي
الأمر: يا فلان قم ادع الله، من العلماء الطيبين، أو الأخيار الصالحين، أو من أهل
بيت النبي الطيبين، وقالوا في الاستسقاء: يا فلان قم فادع الله لنا، كما قال عمر
للعباس، هذا كله طيب.
أما التوسل بجاه فلان فهذا لا أصل له، ويجب تركه، وهو من البدع المنكرة، والله جل
وعلا أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق