ما هو حكم من قاطع مسلما بسبب إساءته إليه
السؤال
سؤالي عن: هل يحق للمسلم أن يقطع علاقته بأحد من المسلمين لو أساء إليه، وسبه بأفظع، وأقبح الشتائم. ولو فعل ذلك، وقطع علاقته نهائيا به. فهل يصير عليه ذنب؟ أرجو الإفادة. وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأمّا عن مقاطعته، فإن كان ذلك لما يلحقه من ضرر منه، فلا حرج فيها.
قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل، خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
ومع ذلك، فالأولى أن يبحث الشخص عن سبب المشكلة، وعما إذا كان الأمر قابلا للعلاج أم لا، فهذا أولى من الهجران.
والشرع ندب للحرص على المحبة والتواصل بين أفراد المجتمع المسلم، بل قد جعل الرسول هذا طريق الجنة، وذكر أن إفشاء السلام والمصافحة والتهادي من أهم الأسباب التي يحصل بها التحابب وانتهاء الغل بين الناس، فقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا، ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم. وفي الحديث: تهادوا تحابوا، وتصافحوا يذهب الغل. رواه مالك وحسنه ابن عبد البر.
وقد جاءت نصوص كثيرة صريحة صحيحة بتحريم الهجر والتخاصم والتقاطع بين عموم المسلمين كقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. ورواه مسلم.
وفي الحديث القدسي: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في. رواه مالك. وفي رواية: حقت محبتي على المتحابين في، وحقت محبتي على المتناصحين في. رواها ابن حبان.
وفي المسند عن أنس قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعال نؤمن بربنا ساعة، فقال ذات يوم لرجل فغضب الرجل، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة. والحديث حسن إسناده الهيثمي والعجلوني .
والله أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق