حصريا: رواية رحيق تحت الجلد بقلم نانا أحمد البارت الثانى
الفصل الثانى -حين يغار الذئب قبل أن يعترف بأنه ذئب
مريم دخلت المكتب المفتوح، بتحاول تلمّ أعصابها بعد المواجهة اللي حصلت قدّام الصور الكبيرة.
كل الناس كانت مشغولة، أصوات الطابعات، رنات التليفونات، خطوات موظفين رايحين جايين... وهي واقفة زى اللي نزل في عالم جديد.
قرب منها شاب شكله لطيف، هادي، لبسه بسيط ونظراته فيها طيبة واضحة.
— "إنتِ مريم؟ الموظفة الجديدة؟"
ابتسمت بخجل:
— "أيوه... حضرتك؟"
مد إيده:
— "سامح... مسؤول التدريب. وأنا اللي هسلمّك شغلك لحد ما تتأقلمي."
أخلاقه كانت مريحة، وطريقته حنونة...
وده ريّح مريم شوية، خصوصًا بعد الصدمة اللي أخذتها من ريان الرفاعي.
سامح ابتسم وقال:
— "تعالي... هعرّفك على مكتبك."
مشى جنبها، يشرح لها أماكن الأقسام، وهي بتحاول تحفظ...
لكن دماغها كل شوية ترجع لصوت ريان ونظرته.
وصلوا لمكتب صغير في زاوية هادية.
سامح انحنى قربها، يورّيها مكان الأوراق وتفاصيل البرامج اللي هتشتغل عليها، وتقربه ده خلّى المسافة بينهم قريبة.
لكن المفاجأة...
إن مريم حسّت بظل كبير واقف وراها.
اتبخّر صوت سامح فجأة...
وبقوا هما الاتنين واقفين من غير ما حد يتحرك.
مريم التفتت...
ولقت ريان واقف.
إيده في جيبه...
نظراته نازلة على المسافة القريبة بين سامح وبينها...
وفي عينه حاجة مش مفهومة...
حاجة شبه غيرة أولى ما حدش يعترف بيها.
ريان قال بصوت واطي... لكنه تقيل على القلب:
— "سامح... شغلك خلّص؟"
سامح اتوتر:
— "آ... كنت بس بشرح لمري—"
ريان قاطعه وهو ما زال يبص على مريم:
— "أنا كلمتي واضحة... عندي اجتماع دلوقتي. الموظفة الجديدة لازم تجهّز الملف اللي قولت لنهى عليه."
وبعدين وجّه كلامه لسامح:
— "أنت عندك مهام تانية."
سامح حاول يخفي انزعاجه:
— "تمام..."
ومشي.
فضلت مريم واقفة...
وريان قرب خطوة.
خطوة واحدة... لكن قربه دا كان كفاية يشعرها إن المكان ضاق حواليها.
قال بهدوء خطير:
— "ما تعوديش تخلي حد يقرب للمسافة دي... وإنتي لسه في فترة تدريب."
مريم ارتبكت:
— "هو... هو كان بيشرح لي بس."
رفع حاجبه:
— "أنا شايف."
وهو؟
هو ما كانش شايف...
هو كان حاسس.
لأول مرة من سنين...
حد لمس وتراً جواه كان فاكر إنه مات من زمان.
بعد ثواني، استدار بظهره وقال:
— "اتفضلي على الاجتماع... وإوعي تتأخري تاني."
مشي...
وترك مريم تتنفس بصعوبة، مش من الخوف... لكن من حاجة أغرب.
حاجة اسمها:
ريان الرفاعي... لما يغار وما يعترفش.
لكن اللي محصلش حسابه...
إن في شخص تاني في الشركة
كان بيراقب كل حركة
وعينه مش على مريم...
لا.
على ريان.
وبداية الحكاية... كانت بتولّع.
*********************
قرأة ممتعة
