رأى علماء الفقه فى أعتكاف المرأة في المسجد فى العشر الاواخر من رمضان واجب أم لا يجوز؟
هل يجب على الصائمة الاعتكاف في المسجد، أم أنه أمر اختياري يزيد من الحسنات والثواب؟ الدكتور طه حبيشي، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، يجيب عن هذا الاستفسار بقوله:
أولاً: الاعتكاف سنة مؤكدة بالإجماع. وقال ابن المنذر: «أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضاً، إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذراً، فيجب عليه، لما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ومداومته عليه؛ تقرباً إلى الله تعالى، وطلباً لثوابه، واعتكاف أزواجه معه وبعده، ويدل على أنه غير واجب أن أصحابه لم يعتكفوا، ولا أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- به إلا من أراده.
والاعتكاف يعني المكث في المسجد من شخص مخصوص بصفة مخصوصة. واعتكاف المرأة في المسجد جائز، وقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر أنه يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك زينب ابنة جحش أمرت ببناء، فبُنيَ لها، قالت: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى انصرف إلى بنائه، فبصر بالأبنية فقال: (ما هذا؟) قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (آلبرّ أردن بهذا؟ ما أنا بمعتكف) فرجع، فلما أفطر اعتكف عشراً من شوال.
قال ابن حجر في شرحه هذا الحديث معللاً رد النبي -صلى الله عليه وسلم- إياهن عن الاعتكاف: وكأنه -صلى الله عليه وسلم- خشي أن يكون الحامل لهن على ذلك المباهاة والتنافس الناشئ عن الغيرة؛ حرصاً على القرب منه خاصة، فيخرج الاعتكاف عن موضوعه، أو لما أذن لعائشة وحفصة أولاً كان ذلك خفيفاً بالنسبة إلى ما يفضي إليه الأمر من توارد بقية النسوة على ذلك، فيضيق المسجد على المصلين، أو بالنسبة إلى أن اجتماع النسوة عنده يصيره كالجالس في بيته، وربما شغلنه عن التخلي لما قصد من العبادة، فيفوت مقصود الاعتكاف.
أركان الاعتكاف
على المعتكف أن يلزم معتكفه، ويشتغل بذكر الله والعبادة، ولا يخرج إلا لحاجة الإنسان؛ كالبول والغائط ونحو ذلك، أو لحاجة الطعام، إذا كان لم يتيسر له من يحضر له الطعام فيخرج لحاجته، فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يخرج لحاجته، ولا يجوز للمرأة أن يأتيها زوجها وهي في الاعتكاف، وكذلك المعتكف ليس له أن يأتي زوجته وهو معتكف؛ لأن الله تعالى قال: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}، والأفضل له ألا يتحدث مع الناس كثيراً، بل يشتغل بالعبادة والطاعة، لكن لو زاره بعض إخوانه أو زار المرأة بعض محارمها أو بعض أخواتها في الله، وتحدثت معهم أو معهن فلا بأس، وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يزوره نساؤه في معتكفه ويتحدث معهن ثم ينصرفن، فدل ذلك على أنه لا حرج في ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق